responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 474
وَعَلَى قَوْلِ الْفِرْقَةِ
الْأُخْرَى الَّتِي جَعَلَتِ الْوَصِيَّةَ مِنَ اللَّهِ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: فَإِنْ خَرَجْنَ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ لِلْإِيجَازِ، مِثْلَ: أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ [الشُّعَرَاء: 63] أَيْ فَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ فَخَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ أَيْ مَنْ تَزَوَّجَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمَعْرُوفِ عَدَا الْمُنْكَرِ كَالزِّنَا وَغَيْرِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْرُوفَ يُفَسَّرُ بِغَيْرِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهَا فِي الْحَالَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْخُرُوجُ وَكُلُّ ذَلِكَ فِعْلٌ فِي نَفْسِهَا.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي «تَفْسِيرِهِ» «وَتَنْكِيرُ مَعْرُوفٍ هُنَا وَتَعْرِيفُهُ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ الْأُخْرَى، فَصَارَ هُنَالِكَ مَعْهُودًا» . وَأَحْسَبُ هَذَا غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ، وَأَنَّ التَّعْرِيفَ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ، وَهُوَ وَالنَّكِرَةُ سَوَاءٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَنِ الْقِرَاءَةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى عَلِيٍّ- بِفَتْحِ يَاءٍ يُتَوَفَّوْنَ- وَمَا فِيهَا مِنْ نُكْتَةٍ عَرَبِيَّةٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ [الْبَقَرَة: 234] الْآيَة.
[241]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 241]
وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ [الْبَقَرَة: 240] جُعِلَ اسْتِيفَاءً لِأَحْكَامِ الْمُتْعَةِ لِلْمُطَلَّقَاتِ، بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ حُكْمُ مُتْعَةِ الْمُطَلَّقَاتِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَقَبْلَ الْفَرْضِ، فَعَمَّمَ بِهَذِهِ الْآيَةِ طَلَبَ الْمُتْعَةِ لِلْمُطَلَّقَاتِ كُلِّهِنَّ، فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ لَامُ الِاسْتِحْقَاقِ.
وَالتَّعْرِيفُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ يُفِيدُ الِاسْتِغْرَاقَ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَدْ زَادَتْ أَحْكَامًا عَلَى الْآيَةِ الَّتِي سَبَقَتْهَا. وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ إِلَى قَوْلِهِ: حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ [الْبَقَرَة: 236] قَالَ رَجُلٌ: إِنْ أَحْسَنْتُ فَعَلْتُ وَإِنْ لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ لَمْ أَفْعَلْ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ فَجَعَلَهَا بَيَانًا لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، إِذْ عَوَّضَ وَصْفَ الْمُحْسِنِينَ بِوَصْفِ الْمُتَّقِينَ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ اخْتِلَافَ الْوَصْفَيْنِ فِي الْآيَتَيْنِ لَا يَقْتَضِي اخْتِلَافَ جِنْسِ الْحُكْمِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُطَلَّقَاتِ، وَأَنَّ جَمِيعَ الْمُتْعَةِ مِنْ شَأْنِ الْمُحْسِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ، وَأَنَّ دَلَالَةَ صِيغَةِ الطَّلَبِ فِي الْآيَتَيْنِ سَوَاءٌ إِنْ كَانَ اسْتِحْبَابًا أَوْ كَانَ إِيجَابًا. فَالَّذِينَ حَمَلُوا الطَّلَبَ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، حَمَلُوهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ بِالْأُولَى، وَمُعَوِّلُهُمْ فِي مَحْمَلِ الطَّلَبِ فِي كِلْتَا الْآيَتَيْنِ لَيْسَ إِلَّا عَلَى اسْتِنْبَاطِ عِلَّةِ مَشْرُوعِيَّةِ الْمُتْعَةِ وَهِيَ جَبْرُ خَاطِرِ الْمُطَلَّقَةِ اسْتِبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالِكٌ مِنْ مَشْمُولَاتِ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 474
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست